الجمعة، 15 مارس 2019

من لَطائف القُرآن الكَريم: ما حقيقةُ الدّرَجة التي فُضّلَ بها الرّجالُ ؟؟؟

ما حقيقةُ الدّرَجة التي فُضّلَ بها الرّجالُ في قوله تَعالى: «وللرّجالِ عليْهنّ دَرَجةٌ» [البقرة:228] ؟؟؟

يُخطئ أكثرُ الناسِ في فهم هذه الآيَة الكريمَةِ فيظنّونَ أنّ الرّجالَ فُضّلوا على النّساءِ تَفضيلَ أصلٍ وماهيةٍ،
والحقيقَة أنّ هذا وهمٌ توهّمه كثيرٌ من العُلَماءِ وتبعهُم في ذلك العوامُّ، والدّرجةُ ذاتُ مَعْنى غير الذي فَهموه،
ولو أنّ الناسَ رجَعوا إلى إمامِ المفسّرينَ وهو أبو جعفر الطبري [المتوفّى سنة 310هـ] الذي استندَ إلى
إمامٍ قبلَه في التفسيرِ وهو الصحابيّ الجليلُ عبدُ الله بنُ عبّاس]، لَوَجدوا أسراراً أخرى لم ينتبهوا لَها؛ فإنّ
تلكَ الدّرجةَ التي للرّجل على المرأة، مِن إفضاله عليها، ومن أداء حقها إليها، ومِن صَفحِه عن الواجب لهُ
عليها أو عن بعضه. فَمعنى الدّرجَة غير الذي فهموه، وقد فهم الصّحابيّ الجليلُ حقيقةَ المقصودِ فقال:

«ما أُحبُّ أن أستنظفَ جميع حقي عليها» ؛ لأن الله تعالى ذكْرُه يقول: "وللرجال عليهن درجة"، ومعنى
الدّرجة الرّتبةُ والمنزلةُ، فلا يستحقُّ الرّجلُ تلك الدّرجَةَ إلاّ إذا أدّى حقَّ امرأته الذي عليْه وصَفَحَ عَنها في
بعض حقّه عليْها، فإن لم يفعَلْ فلا دَرَجَةَ له وليسَ أهلاً لأن يبلغَ درجةَ الرجُلِ ذي القوامةِ . 


ومن بليغ قَولِ أبي جعفر الطّبريّ وتحقُّقه بأسرارِ معاني الآياتِ وسَبْقِه إلى إدراكِ فقه الآيَة أنّه قالَ:
«وهذا القولُ من الله تعالى ذِكْرُه، وإنْ كانَ ظاهرُه ظاهرَ الخَبَر، فَمَعناه معنى نَدْبِ الرّجالِ إلى الأخْذِ على
النّساء بالفَضْل، ليَكونَ لهم عَليهنّ فَضلُ درَجةٍ» وهذه إشارة جليلةٌ من الإمام المُفسِّر رحمه الله لأنّه
جعل الدّرجَةَ منزلةً تُدرَكُ بالعَزائمِ وليسَ خبراً عن حقّ فُضِّل به الرّجلُ من غير وجه حقٍّ، كما يفهمُ عَوامُّ
النّاسِ
، بل قلّ أن تجدَ مفسِّراً نهجَ نهْجَ الطّبريّ في فهم أسرارِ الآيَةِ: «وهذا القولُ من الله جلّ ثناؤُه وإن
كان ظاهرُه ظاهرَ خَبرٍ فَمعناه مَعْنى نَدبِ الرّجالِ إلى الأخذ على النّساءِ بالفضلِ ليكونَ لهم عليهنّ فضلُ درجةٍ»

[انظر تَفْسيرَ الإمام أبي جَعْفر
محمّد بنِ جَرير الطّبريّ للآيَة،
المُسمَّى:
جامع البيان في تأويل القرآن]


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق