قال الإمام ابن القيم الجوزية يرحمه الله : " ... تأمل حكمته تعالى في أن جعل ملوك العباد وأمراءهم وولاتهم من جنس أعمالهم ، بل كأن أعمالهم ظهرت في صور ولاتهم وملوكهم ، فإن استقاموا استقامت ملوكهم ، وإن عدلوا عدلت عليهم ، وإن جاروا جارت ملوكهم وولاتهم ، وإن ظَهرَ فيهم المكر والخديعة فولاتهم كذلك ، وإن منعوا حقوق الله لديهم وبخلوا بها منعت ملوكهم وولاتهم ما لهم عندهم من الحق ، وبخلوا بها عليهم ، وإن أخذوا ممن يستضعفونه ما لا يستحقونه في معاملتهم أخذت منهم الملوك ما لا يستحقونه وضربت عليهم المكوس والوظائف ، وكل ما يستخرجونه من الضعيف يستخرجه الملوك منهم بالقوة ، فعمَّالُهم ظهرت في صور أعمالهم .
وليس في الحكمة الإلهية أن يولى على الأشرار الفجار إلا من يكون من جنسهم .
ولما كان الصدر الأول خيارَ القرون وأبرها كانت ولاتهم كذلك ، فلما شابوا شابت لهم الولاة ، فحكمه الله تأبى أن يولي علينا في مثل هذه الأزمان مثل معاوية وعمر بن عبد العزيز فضلا عن مثل أبي بكر وعمر ، بل ولاتنا على قدرنا ، وولاة من قبلنا على قدرهم ، وكل من الأمرين موجب الحكمة ومقتضاها " .
من كتاب مفتاح دار السعادة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق